ترتكز أعمال ياسمين ڤاردي (*1989، تل أبيب يافا؛ تعيش وتعمل بين لندن وتل أبيب يافا) على التشابهات البنائية بين العِلل الجسدية والحالات النفسية من جهة، وبين آليات عمل الأنظمة الأوسع من جهة أخرى. تستمد ڤاردي أفكار أعمالها من تجاربها الشخصية وتفاصيل حياتها بوصفها بوادر للاستكشاف، تدعوها للانطلاق في رحلة تداعيات شاعرية عبر عوالم معرفية متعددة. تتقاطع هذه العوالم وتؤثر في بعضها البعض خلال عملية التحرير.
في معرضها الفردي في CCA تل أبيب-يافا، تقدم ڤاردي لأول مرة عمل الفيديو مُقايضة، وهو عمل جديد كُلّفت بإنتاجه من قبل المركز. ينطلق العمل من أزمة جسدية تجلت في إنهاك شديد وشعور بالاستنزاف الداخلي. عبر تثبيت العدسات وتسجيل اللقطات الطويلة شبه الساكنة. تراقب الكاميرا أجسادًا بشرية مستلقية داخل فضاءات منزلية، حيث تقتصر الحركة على الحد الأدنى. يجسّد الأدوار في الفيلم أصدقاء وأقارب ڤاردي، ومن بينهم من شهدوا انهيارها في حالات مشابهة. توظفهم ڤاردي في فيلمها ليعيدوا تمثيل تلك اللحظات ويضعوا أنفسهم في مكانها. وللمرة الأولى، تظهر ڤاردي أيضًا أمام الكاميرا، وتشارك بنفسها في استعادة الحدث.
يتناول الفيلم طبقة أخرى تتعلق بالمنظور التاريخي لحالات الانهيار الجسدي خلال ماراثونات الرقص، وهي ظاهرة ازدهرت في الولايات المتحدة خلال فترة الكساد الكبير. في هذه المسابقات المُرهقة، اعتاد المشاركون أن يرقصوا في أزواج لساعات أو حتى لأيام متواصلة أمام الجمهور مقابل فرصة لكسب المال أو الحصول على وجبة ساخنة. كان يتم استبعاد المتسابقين إذا لامست أقدامهم الأرض بالكامل في آنٍ واحد، ولم يسمح لهم إلا بـ 11 دقيقة من الراحة في كل ساعة، وخلال هذه الاستراحات كان العديد ينهارون على أسرّة قريبة، وهذا هو العنصر الذي أسس بُنية وطول فيلم ڤاردي. إلى جانب اللقطات الأرشيفية لماراثونات الرقص هذه واللقطات التي تعيد تمثيل لحظات الانهيار من توليف الفنانة، يستحضر الفيلم مرجعًا إضافيًّا: التحول الاجتماعي والاقتصادي من الفرد إلى المنزل كوحدة، مستعرضًا أوجه الشبه بين الأزمة المالية في عام 2008 والناجمة عن انهيار سوق الإسكان العالمي.
يصبح التكرار الدائري في الفيلم أداة بُنيوية وموضوعية، حيث يعتمد على أساليب سينمائية مثل الزمن الدائري، والصور المتكررة، والأنماط الإيقاعية، وحركات الكاميرا الدائرية. وفي هذا السياق الدائري، الذي يحاكي آليات الأنظمة مُحكمة التدبير وتدفق المعلومات الوفير، تبدأ الاضطرابات والتشويشات بالظهور مهددة بإيقاف هذه الأنظمة، كما لو كان صوت قرص موسيقي مخدوش قد توقف فجأة. في الحيز التكنولوجي للصور المتحركة، تتلاعب ڤاردي بالحبكة السردية عبر التوقف، والتمديد، وإعادة الترتيب، وإعادة التجميع، لتدفعنا إلى إعادة التفكير في إدراكنا للزمن والزمانية.
«ياسمين ڤاردي: مُقايضة» من تنسيق تمار مرغليت وبدعـم مـن مفعـال هبايـس – صنـدوق الثقافـة والفنـون وصنـدوق يهوشـواع رابينوفيتـش للفنـون، تـل أبيـب.
1
«ياسمين ڤاردي: مُقايضة»، 2025
صورة من المعرض في CCA تل أبيب-يافا
تصوير: هاداس حاي
2-5
مقايضة، 2025
لقطة من عمل فيديو
بإذن من الفنانة
ياسمين ڤاردي: مُقايضة
–
2 أيار، 2025
5 آذار، 2025